فصل: تفسير الآية رقم (97):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (90):

{وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90)}
(90)- اجْتَمَعَ قَادَةُ قُرَيْشٍ عِنْدَ الكَعْبَةِ، وَأَرْسَلُوا إِلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لِيَأْتِيَهُمْ لِيُكَلِّمُوهُ، فَقَالُوا لَهُ: يَا مُحَمَّدُ لَقَدْ جِئْتَنَا بِشَيءٍ فَرَّقْتَ بِهِ الجَمَاعَةَ، فَإِنْ كُنْتَ جِئْتَ تُرِيدُ الشَّرَفَ فِينَا، سَوَّدْنَاكَ عَلَيْنَا، وَإِنْ كَانَ مَا يَأْتِيكَ رِئْياً (أَيْ تَابِعاً) مِنَ الجِنِّ، جَعَلْنَا مِنَ المَالِ، وَطَلَبْنَا لَكَ الأَطِبَّاءَ حَتَّى تَشْفَى أَوْ نُعْذَرَ.
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا بِهَذَا جِئْتُكُمْ، إِنَّ اللهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ رَسُولاً فَإِنْ تَسْمَعُوا مِنِّي، وَتَقْبَلُوا مِنِّي مَا جِئْتُكُمْ بِهِ، فَهُوَ حَظُّكُمْ مِنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنْ تَردُّوهُ أَصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنِي وَبَينَكُمْ. ثُمَّ أَخَذُوا فِي الاقْتِرَاحِ عَلَيهِ تَعْجِيزاً وَتَعَنُّتاً:
- فَاقْتَرَحُوا عَلَيْهِ أَنْ يَدْعُوَ رَبَّهُ لِيُسَيِّرَ عَنْهُم الجِبَالَ التِي ضَيَّقَتْ عَلَيْهِمْ، وَلِيَبْسِطَ لَهُمْ بِلادَهُمْ، وَلِيُفَجِّرَ فِيهَا أَنْهَاراً.
- ثُمَّ اقْتَرَحُوا عَلَيْهِ أَنْ يَدْعُو رَبَّهُ لِيَبْعَثَ مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِهِمْ لِيَشْهَدُوا عَلَى صِدْقِ رِسَالَتِهِ.
- ثُمَّ اقْتَرَحُوا عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَبْعَثَ مَلَكاً يُصَدِّقُهُ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ، وَأَنْ يَجْعَلَ لَهُ رَبُّهُ جَنَاتٍ وَبَسَاتِينَ وَكُنُوزاً وَقُصُوراً مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ.
- ثُمَّ اقْتَرَحُوا عَلَيْهِ أَنْ يُسْقِطَ السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ كِسَفاً (أَيْ قِطَعاً) كَمَا زَعَمَ لَهُمْ أَنَّ رَبَّهُ إِنْ شَاءَ فَعَلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يُؤْمِنُوا لَهُ إِلا بِفِعْلِ مَا طَلَبُوهُ مِنْهُ.
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ ذلِكَ إِلَى اللهِ، إِنْ شَاءَ فَعَلَهُ. ثُمَّ قَالَ لَهُ ابْنُ عَمَّتِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ المَخْزُومِي: وَاللهِ، لا أُؤْمِنُ بِكَ حَتَّى تَتَّخِذَ إِلَى السَّمَاءِ سُلَّماً ثُمَّ تَرَقَى فِيهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْكَ حَتَّى تَأْتِيَها، وَتَأْتِي مَعَكَ بِصَحِيفَةٍ مَنْشُورَةٍ وَمَعَكَ أَرْبَعَةٌ مِنَ المَلائِكَةِ يَشْهَدُونَ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ كَمَا تَقُولُ، وَأَيْمُ اللهِ لَوْ فَعَلْتَ لَظَنَنْتُ أَنِّي لا أُصَدِّقُكَ. فَهُمْ أُنَاسٌ مُتَعَنِّتُونَ لا يَسْأَلُونَ اسْتِرْشَاداً، وَلَوْ كَانَ سُؤَالُهُمُ اسْتِرْشَاداً لأُجِيبُوا إِلَيْهِ، وَلَكِنَّهُمْ يَسَأْلُونَ كُفْراً وَعِنَاداً، وَهُمْ يَسْتَبْعِدُونَ حُدُوثَ مَا يَطْلُبُونَ.
فَقِيلَ لِرَسُولِ اللهِ: إِنْ شِئْتَ أَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا، فَإِنْ كَفَرُوا عَذَّبْتُهُمْ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ العَالَمِينَ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتُ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَلْ تَفْتَحُ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ.
تَفْجُرَ مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً- تَجْعَلَ عَيْنَ مَاءٍ تَجْرِي فِي الأَرْضِ لا يَنْضُبُ مَاؤُها.

.تفسير الآية رقم (91):

{أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91)}
{الأنهار} {خِلالَهَا}
(91)- أَوْ يَكُونُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ بُسْتَانٌ (جَنَّةٌ)، فِيهِ أَشْجَارُ النَّخِيلِ وَالعِنَبِ، وَتَتَدَّفَقُ الأَنْهَارُ فِي أَرْضِهِ بِالمِيَاهِ.

.تفسير الآية رقم (92):

{أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92)}
{الملائكة}
(92)- أَوْ أَنْ يُسْقِطَ السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ قِطَعاً قِطَعاً (كِسَفاً) كَمَا زَعَمَ أَنَّ رَبَّهُ إِنْ شَاءَ فَعَلَ ذَلِكَ، أَوْ أَنْ يَأْتِي بِاللهِ وَالمَلائِكَةِ قَبِيلاً يُنَاصِرُونَهُ، وَيَدْفَعُونَ عَنْهُ، كَمَا يَفْعَلُونَ فِي قَبَائِلِهِمْ (وَقِيلَ بَلْ إِنَّ المَعْنَى هُوَ: أَنْ يَأْتِي بِاللهِ وَالمَلائِكَةِ لِيُقَابِلُوهُمْ مُعَايَنَةً وَمُوَاجَهَةً).
قَبِيلاً- جَمَاعَاتٍ يُنَاصِرُونَ الرَّسُولَ- أَوْ يُقَابِلُونَهُمْ مُقَابَلَةً وَعِيَاناً.
كِسَفاً- قِطَعاً.

.تفسير الآية رقم (93):

{أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93)}
{كِتَاباً}
(93)- أَوْ أَنْ يَكُون لَكَ بَيْتٌ مِنْ ذَهَبٍ (زُخْرُفٍ)، أَوْ أَنْ تَصْعَدَ فِي السَّمَاءِ، وَنَحْنُ نَنْظُرُ إِلَيْكَ، وَلَنْ نُؤْمِن أَنَّكَ صَعدْتَ إِلَى السَّماءِ حَتَّى تَأْتِيَ مَعَكَ بِصُحُفٍ مَكْتُوبَةٍ مُوَجَّهَةٍ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ المُتَحَدِّثِينَ مَعَ الرَّسُولِ.
فَقُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: سُبْحَانَ رَبِّي إِنْ أَنَا إِلا بَشَرٌ رَسُولٌ مِنَ اللهِ، أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِهِ، وَلا أَمْلِكُ شَيْئاً مِمَّا طَلَبْتُمْ، وَالأَمْرُ كُلُّهُ للهِ، إِنْ شَاءَ أَجَابَكُمْ إِلَيْهِ.
زُخْرُفٍ- ذَهَبٍ.
تَرْقَى- تَصْعَدُ.

.تفسير الآية رقم (94):

{وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94)}
(94)- وَمَا مَنَعَ أَكْثَرَ النَّاسِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ، وَالرِّسَالَةِ التِي جَاءَهُمْ بِهَا رَسُولُهُمْ، إِلا تَعَجُّبُهُمْ مِنْ إِرْسَالِ اللهِ رُسُلاً مِنَ البَشَرِ: وَقَولِهِمْ: {مَآ أَنتُمْ إِلا بَشَرٌ مِّثْلُنَا} وَقَوْلِهِمْ: {فقالوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} وَقَوْلِهِمْ: {أَبَعَثَ الله بَشَراً رَّسُولاً}.

.تفسير الآية رقم (95):

{قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95)}
{ملائكة} {مُطْمَئِنِّينَ}
(95)- قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ كَمَا يَمْشِي البَشَرُ، وَيُقِيمُونَ فِيهَا، كَمَا يُقِيمُ البَشَرُ، وَيَسْهُلُ الاجْتِمَاعُ بِهِمْ، وَالحَدِيثُ مَعَهُمْ.... لأَرْسَلَ اللهُ إِلَيْهِمْ رُسُلاً مِنَ السَّمَاءِ مِنَ المَلائِكَةِ لِهِدَايَتِهِمْ، وَإِرْشَادَهِمْ. وَلَكِنَّ طَبِيعَةَ المَلائِكَةِ لا تَصْلُحُ لِلاجْتِمَاعِ بِالبَشَرِ، وَلا يَسْهُلُ عَلَيْهِمُ التَّخَاطُبُ مَعَهُمْ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ اللهَ لَمْ يُرْسِلْ رُسُلاً إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ مِنَ المَلائِكَةِ، وَإِنَّمَا أَرْسَلَهُمْ مِنَ البَشَرِ، وَقَدِ اخْتَارَهُمْ مِنْ بَيْنِ البَشَرِ.

.تفسير الآية رقم (96):

{قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (96)}
(96)- قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلاءِ المُكَذِّبِينَ: إِنَّ اللهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ، وَأَنْزَلَ عَلَيَّ القُرْآنَ، وَفِيهِ أَخْبَارُ القُرُونِ الأُولَى كَمَا وَقَعَتْ، وَهِيَ مِمَّا لا يَعْرِفُهُ العَرَبُ، وَهَذِهِ شَهَادَةٌ مِنَ اللهِ عَلَى صِدْقِ قَوْلِي، إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَمَنْ شَهِدَ اللهُ تَعَالَى بِصِدْقِهِ، فَهُوَ صَادِقٌ، فَادِّعَاؤُكُمْ أَنَّ الرَّسُولَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنَ المَلائِكَةِ، هُوَ تَعَنُّتٌ مِنْكُمْ.
ثُمَّ نَبَّهَ اللهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى إِنْهَاءِ الجَدَلِ مَعَ هَؤُلاءِ المُتَعَنِّتِينَ، وَإِلَى أَنْ يَكِلَ أَمْرَهُمْ إِلَى اللهِ، فَهُوَ الخَبِيرُ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الهِدَايَةَ فَيَهْدِيهِ، وَهُوَ البَصِيرُ بِأَعْمَالِ العِبَادِ، المُحِيطُ بِهَا، فَلا يَشذُّ شَيءُ عَنْ عِلْمِهِ.

.تفسير الآية رقم (97):

{وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97)}
{القيامة} {مَّأْوَاهُمْ} {زِدْنَاهُمْ}
(97)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْ عَظِيمِ سُلْطَانِهِ فِي خَلْقِهِ، وَنُفُوذِ حُكْمِهِ فِيهِمْ، لا مُعَقِّبَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَمَنْ هَداهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ أَضَلَّهُ فَلا يَمْلِكُ أَحَدٌ هِدَايَتَهُ. وَيَقُولُ تَعَالَى إِنَّهُ يَحْشُرُ الكَافِرِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَهُمْ يَسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، عُمْياً لا يُبْصِرُونَ، وَبُكْماً لا يَنْطِقُونَ، وَصُمّاً لا يَسْمَعُونَ. وَذَلِكَ جَزَاءٌ لَهُمْ لِمَا كَانُوا عَلَيهِ فِي الدُّنْيا مِنَ العَمَى وَالصَمَّمِ وَالبَكَمِ، لا يُبْصِرُونَ الحَقَّ، وَلا يَهْتَدُونَ إِلَيْهِ. وَيَقُولُ تَعَالَى: إِنَّ نَارَ جَهَنَّمَ التِي يُعَذَّبُونَ فِيهَا كُلَّمَا سَكَنَتْ وَخَفَّ لَهِيبُهَا (خَبَتْ)، زَادَ اللهُ فِي تَأَجُّجِهَا وَسَعِيرَهَا عَلَيْهِمْ، لِيَزْدَادَ أَلَمُهُمْ وَعَذَابُهُمْ.
(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ الكُفَّارَ وَقُودُ جَهَنَّمَ، فَإِذَا أَحْرَقْتُهُمْ وَلَمْ يَبْقَ شَيءٌ مِنْهُمْ صَارَتْ جَمْراً تَتَوهَّجُ، فَذلِكَ خُبُوُّها، فَإِذَا بُدِّلُوا خَلْقاً جَدِيداً عَاوَدْتُهُمْ).
خَبَتْ- سَكَنَ لَهِيبُهَا.
سَعِيراً- لَهَباً وَتَوَقُّداً.

.تفسير الآية رقم (98):

{ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98)}
{بِآيَاتِنَا} {أَإِذَا} {عِظَاماً} {وَرُفَاتاً} {أَإِنَّا}
(98)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى: أَنَّهُ إِنَّمَا جَازَى الكَافِرِينَ المُكَذِّبِينَ بِبَعْثِهِمْ عُمْياً بُكْماً صُمّاً، لأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَحُجَجِهِ، وَاسْتَبْعَدُوا وُقُوعَ البَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَقَالُوا سَاخِرِينَ: أَبَعْدَ أَنْ صِرْنَا إِلَى مَا صِرْنَا إِلَيْهِ مِنَ البِلَى وَالهَلاكِ وَالتَّفَرُّقِ فِي الأَرْضِ.. نُعَادُ مَرَّةً ثَانِيَةً، وَنُخْلَقُ خَلْقاً جَدِيداً؟
رُفَاتاً- أَجْزَاءً مُفَتَّتَةً، أَوْ تُرَاباً أَوْ غُبَاراً.

.تفسير الآية رقم (99):

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا (99)}
{السماوات} {الظالمون}
(99)- يُنَبِّهُ اللهُ تَعَالَى هؤُلاءِ المُكَذِّبِينَ بِالبَعْثِ وَالنُّشُورِ إِلَى أَنَّهُ هُوَ الذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَهَذا أَكْبَرُ وَأَعْظَمُ مِنْ خَلْقِ الإِنْسَانِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَهُمْ مَرَّةً أُخْرَى، وَيُنْشِئَهُمْ نَشْأَةً أُخْرَى كَمَا بَدَأَهُمْ. وَقَدْ جَعَلَ اللهُ لإِعَادَةِ بَعْثِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ أَجَلاً (مَوْعِداً) مَضْرُوباً، وَمُدَّةً مُوَقَّتَةً مُقَدَّرَةً لا بُدَّ مِنْ انْقِضَائِهَا، لا يَعْلَمُهَا إِلا اللهُ تَعَالَى، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ أَبَى الظَّالِمُونَ إِلا تَمَادِياً فِي ضَلالِهِمْ، وَكُفْرِهِمْ، مَعَ وُضُوحِ الحُجَّةِ.

.تفسير الآية رقم (100):

{قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا (100)}
{خَزَآئِنَ} {الإنسان}
(100)- قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: لَوْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ تَمْلِكُونَ التَّصَرُّفَ فِي خَزَائِنِ اللهِ كُلِّهَا، لأَمْسَكْتُمْ عَنِ الإِنْفَاقِ خَشْيَةَ الفَقْرِ، وَخَشْيَةَ أَنْ يَنْفَدَ مَا فِيهَا، مَعَ أَنَّ خَزَائِنَ اللهِ لا تَفْرَغُ وَلا تَنْفَدُ أَبَداً، وَلَكِنَّ مِنْ طِبَاعِ الإِنْسَانِ وَسَجَايَاهُ التَّقْتِيرُ وَالبُخْلُ وَالمَنْعُ. وَلَوْ آتَيْنَا هؤُلاءِ مَا اقْتَرَحُوهُ لَمَا آمَنوا، وَلَصَرَفُوهُ عَنْ وَجْهِهِ الصَّحِيحِ.
قَتُوراً- مُبَالِغاً فِي البُخْلِ.

.تفسير الآية رقم (101):

{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101)}
{آتَيْنَا} {آيَاتٍ} {بَيِّنَاتٍ} {فَسْئَلْ} {إِسْرَائِيلَ} {ياموسى}
(101)- لَقَدْ أَعْطَيْنَا مُوسَى تَسْعَ آيَاتٍ وَاضِحَاتِ الدَّلالَةِ عَلَى صِحَةِ نُبُوَّتِهِ، وَصِدْقِهِ حِينَ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهَا، وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا. وَقَالَ فِرْعَوْنُ لِمُوسَى: إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَخْبُولَ العَقْلِ، إِذِ ادَّعَيْتَ أَنَّكَ رُسُولٌ مِنَ اللهِ. فَاسْأَلْ يَا مُحَمَّدُ اليَهُودَ الذِينَ هُمْ فِي زَمَانِكَ، سُؤَالَ اسْتِشَهَادٍ، لِتَزِيدَ طُمَأْنِينَتَكَ وَيَقِينَكَ، وَلِتَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ مُحَقَّقٌ ثَابِتٌ فِي كِتَابِهِمْ.
مَسْحُوراً- مَغْلُوباً عَلَى عَقْلِهِ بِالسِّحْرِ- أَوْ سَاحِراً.

.تفسير الآية رقم (102):

{قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102)}
{السماوات} {بَصَآئِرَ} {يافرعون}
(102)- فَقَالَ مُوسَى لِفِرْعَوْنَ: لَقَدْ عَلِمْتَ يَا فِرْعَوْنُ أَنَّ الَّذِي أَنْزَلَ هَذِهِ الآيَاتِ هُوَ اللهُ تَأْيِيداً لِي، وَحُجَّةً عَلَى صِحَّةِ مَا جِئْتُكُمْ بِهِ، وَدَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ. وَهَذِهِ الآيَاتُ أَنْزَلَهَا اللهُ لِتَكُونَ بَصَائِرَ لِمَنْ اسْتَبْصَرَ، وَهُدَى لِمَنِ اهْتَدَى بِهَا، يَعْرِفُ مَنْ رَآهَا أَنَّ مَنْ جَاءَ صَادِقٌ مُحِقٌّ. ثُمَّ قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ يُخَاطِبُ فِرْعَوْنَ: وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَصْروفاً عَنِ الخَيْرِ، مَطْبُوعاً عَلَى الشَّرِّ (مَثْبُوراً- وَقِيلَ إِنَّ مَثْبُوراً تَعْنِي هَالِكاً أَوْ مَلْعُوناً).
بَصَائِرُ- بَيِّنَاتٍ تُبَصِّرُ مَنْ يَشْهَدُهَا بِصِدْقِي.